بيانات الوظائف الأمريكية المرتقبة تلقى بظلالها على الذهب والعملات والأسواق العالمية

تترقب الأسواق العالمية بقلق وترقب صدور بيانات الوظائف الأمريكية، حيث من المتوقع أن تؤثر هذه البيانات بشكل كبير على أسعار الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، وتحديد مسار أسعار الفائدة.

في الوقت نفسه، تشهد الأسواق العالمية تقلبات كبيرة مع تراجع مؤشرات الأسهم الرئيسية وتأثر عملات مثل اليورو والين الياباني، هذا التقرير يستعرض بالتفصيل أحدث التطورات في أسواق الذهب والمعادن الثمينة والأسواق المالية العالمية.

تأثر الذهب والمعادن النفيسة الأخرى

رغم اقترابه من أعلى مستوى له خلال الأسبوع، حافظ الذهب على حالة من الاستقرار النسبي يوم الجمعة، ومع ذلك، فإنه يتجه لتحقيق مكاسب ملحوظة مع نهاية الأسبوع، وفي نفس الوقت يتطلع المستثمرون بترقب شديد إلى صدور بيانات الوظائف الأمريكية المرتقبة، والتي من المتوقع أن تلعب دورًا حاسمًا في تحديد حجم التخفيضات المحتملة لأسعار الفائدة خلال الشهر الجاري.

حيث شهد سعر الذهب استقرارًا نسبيًا في المعاملات الفورية، إذ استقر عند مستوى 2516 دولارًا للأونصة.

يأتي هذا بعد أن سجل الذهب أعلى مستوى له خلال الأسبوع عند 2523.29 دولارًا في الجلسة السابقة.

وعلى الرغم من هذا الاستقرار الظاهري، إلا أن الذهب حقق ارتفاعًا بنسبة 0.5% على مدار الأسبوع، وارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 22% منذ بداية العام.

وقد ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1%، لتصل إلى مستوى 2545.70 دولارًا للأونصة، وذلك وفقًا لوكالة رويترز.

من المعتاد أن يشهد الذهب ارتفاعًا في أسعاره عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة. ففي مثل هذه البيئات، وذلك لأن الذهب يعتبر ملاذًا آمنًا يستثمر فيه المستثمرون لحماية أموالهم من التضخم وتقلبات الأسواق.

من المتوقع أن تلقي بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة، المقرر صدورها عند الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، بظلالها على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن تخفيض أسعار الفائدة.

عند النظر إلى المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الفضة انخفاضًا في قيمتها بنسبة 0.2% لتصل إلى 28.75 دولارًا للأونصة، وعلى النقيض، سجل البلاتين ارتفاعًا بنسبة 0.4% ليصل إلى 928.23 دولارًا، في حين انخفض البلاديوم بنسبة طفيفة بلغت 0.1% مسجلًا 940.11 دولارًا.

تأثر سعر صرف الدولار الأمريكي

استقر سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية بالقرب من أدنى مستوى له خلال الأسبوع، وذلك في ظل تباين مؤشرات سوق العمل. ومن المتوقع أن توفر بيانات الوظائف الشهرية القادمة رؤى أعمق حول مسار السياسة النقدية التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية، عند مستوى 101.03 بحلول الساعة 00:15 بتوقيت غرينتش.

يأتي هذا بعد انخفاض طفيف بلغ 0.2% خلال الليلة الماضية، حيث لامس أدنى مستوى له منذ 29 أغسطس/آب عند 100.96. وبشكل عام، شهد المؤشر انخفاضًا أسبوعيًا بلغ نحو 0.7%."

أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن سوق العمل الأمريكي نتائج متباينة. فمن جهة، سجل عدد طلبات إعانة البطالة الجديدة انخفاضًا الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استقرار في سوق العمل، ومن جهة أخرى، أظهرت البيانات السابقة تباطؤًا في نمو الوظائف في القطاع الخاص، هذه النتائج المتضاربة تجعل من الصعب تقييم الوضع الحالي لسوق العمل الأمريكي.

وقد أثارت البيانات الاقتصادية المتضاربة حالة من الترقب في الأسواق قبيل صدور تقرير الوظائف الشهري اليوم الجمعة، فبينما تشير بعض المؤشرات إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، يتوقع خبراء الاقتصاد زيادة في عدد الوظائف الجديدة بواقع 165 ألف وظيفة في أغسطس، مقارنة بـ 114 ألف وظيفة في يوليو.

استقر سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني عند مستوى 143.25 ين بعد أن سجل انخفاضًا ليصل إلى 142.855 ين خلال التعاملات الليلية، وهو أدنى مستوى له منذ الخامس من أغسطس/آب، ويعزى هذا التراجع إلى الضغوط الناجمة عن انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية.

وقد بلغ سعر اليورو 1.1112 دولار، وهو أقل بقليل من الذروة التي وصل إليها أمس الخميس عند 1.11195 دولار، والتي كانت الأعلى خلال الأسبوع.

واستقر الجنيه الإسترليني عند مستوى 1.31755 دولار، محتفظًا بمكاسبه القريبة من أعلى مستوى سجله الليلة الماضية عند 1.31855 دولار، والذي يمثل أقوى مستوى له منذ 30 أغسطس/آب.

تأثر الدولار الأسترالي، المعروف بحساسيته للمخاطر، بتراجع طفيف مسجلاً 0.6739 دولار.

وتواصل عملة البيتكوين المشفرة تقلباتها، حيث ارتفعت بنسبة 0.2% لتصل إلى 56167 دولارًا، بعد أن سجلت أدنى مستوى لها منذ شهر تقريبًا عند 55575.78 دولارًا خلال هذا الأسبوع.

تأثر وول ستريت

أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز على تراجع في ختام جلسة التداول اليوم الخميس، وذلك في ظل تقلبات شديدة بالأسواق، ويعزى هذا الانخفاض إلى تلاشي الدعم الذي قدمته البيانات الاقتصادية الأخيرة، بالإضافة إلى ترقب المستثمرين لبيانات سوق العمل المقرر صدورها غدًا الجمعة.

بالمقابل أنهى المؤشر ناسداك التعاملات على ارتفاع طفيف.

وقد سيطرت حالة من التوتر على الأسواق في انتظار صدور تقرير الوظائف غير الزراعية، والذي يُتوقع أن يشكل مؤشرًا قويًا على قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، حيث يرجح أن يؤدي هذا التقرير إلى تمهيد الطريق أمام البنك المركزي الأمريكي لبدء خفض أسعار الفائدة خلال الشهر الجاري.

وشهدت مؤشرات وول ستريت الرئيسية ارتفاعًا في وقت سابق من الجلسة، وذلك بعد أن أسهمت مجموعة من التقارير الاقتصادية في تهدئة المخاوف المتعلقة بتدهور سوق العمل، فقد أظهر مسح لمعهد إدارة التوريد توسعًا في نشاط قطاع الخدمات خلال شهر أغسطس، بالإضافة إلى انخفاض طلبات إعانة البطالة خلال الأسبوع الماضي وفقًا لبيانات وزارة العمل الأمريكية.

لكن تأثرت أسواق الأسهم الأمريكية بشكل كبير هذا الأسبوع، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 2% وشهد قطاع التكنولوجيا تراجعاً حاداً تجاوز 4%.

حيث أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 جلسة التداول متراجعاً بـ 16.39 نقطة بنسبة 0.30% ليصل إلى 5503.68 نقطة، في المقابل، حقق مؤشر ناسداك المجمع ارتفاعاً طفيفاً بلغ 42.15 نقطة بنسبة 0.25% ليغلق عند 17126.45 نقطة، بينما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي 222.05 نقطة بنسبة 0.54% ليغلق عند 40752.92 نقطة.

وشهد سهم شركة تسلا ارتفاعاً ملحوظاً بعد إعلانها عن خطط طموحة لتوسيع نطاق برنامج مساعدة السائق المتقدم للقيادة الذاتية بالكامل في الأسواق الأوروبية والصينية خلال الربع الأول من العام المقبل، هذا الإعلان جاء مشروطاً بالحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة.

وقد انخفض سعر سهم شركة فرونتير كوميونيكيشنز بشكل كبير بعد أن أعلنت شركة فيريزون عن خططها لشراء الشركة بأكملها. وعلى الرغم من هذه الصفقة الكبيرة، شهد سهم فيريزون هو الآخر تراجعًا في قيمته.

فيما ارتفعت أسهم جيت بلو بعد أن قالت إنها تتوقع إيرادات أعلى في الربع الثالث.

تأثر بورصة طوكيو

استمر مؤشر نيكاي الياباني في نزوله لليوم الرابع على التوالي، حيث تأثرت الأسواق بترقب صدور بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية أيضًا، علاوة على ذلك، ساهم ارتفاع قيمة الين الياباني في تعزيز الضغوط البيعية على المؤشر.

حيث اختتم مؤشر نيكاي جلسة التداول على انخفاض ملحوظ بنسبة 0.72% ليغلق عند مستوى 36391.47 نقطة، بعد أن شهد تراجعًا أكبر خلال الجلسة بلغ حوالي 1.7%.

وقد عانى مؤشر نيكاي الياباني من أسبوع عاصف، حيث أغلق منخفضاً بنسبة 5.15%. هذا التراجع يمثل أكبر خسارة أسبوعية للمؤشر منذ 26 يوليو/تموز الماضي.

كما ذكرنا سابقًا شهد الين الياباني ارتفاعًا ملحوظًا ليصل إلى أعلى مستوى له خلال الشهر الحالي، وذلك بالتزامن مع ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف الأمريكية، التي من المتوقع أن تؤثر هذه البيانات بشكل كبير على توقعات البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة المقبلة.

حيث يشكل ارتفاع قيمة الين تحديًا كبيرًا للقطاع التصديري الياباني، حيث يؤدي إلى انخفاض قيمة الأرباح المحققة بالعملات الأجنبية عند تحويلها إلى الين، مما يؤثر سلبًا على هامش الربح للشركات.

كما تضررت شركات صناعة الرقائق اليابانية بشكل كبير من التراجع العام في السوق، حيث انخفض سهم شركة طوكيو إلكترون، أكبر منتجي معدات صناعة الرقائق في العالم، بنسبة 1.9%. كما تأثرت شركتا أدفانتست وسوفت بنك، اللتان تعملان في نفس القطاع، حيث فقدتا 1.38% و1.76% على التوالي من قيمة أسهمهما.

وتراجع سهم شركة سيفن اند آي هولدنجز بنسبة 1.43% عقب رفضها لعرض استحواذ بقيمة 38.5 مليار دولار تقدمت به شركة أليمنتسيون كوش تار الكندية، وأوضحت الشركة أن سبب الرفض يعود إلى أن العرض المقدم لا يعكس القيمة الحقيقية للشركة ولا يصب في مصلحة المساهمين.

وأغلق مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً على انخفاض بلغ 0.89% عند مستوى 2597.42 نقطة، وذلك بالتزامن مع تراجع أسهم الشركات الكبرى مثل هيتاشي التي سجلت خسارة بنسبة 3.57%، وسوني التي فقدت 2.55% من قيمتها السوقية، وخسر المؤشر 3.4% خلال الأسبوع.

ومن بين أكثر من 1600 سهم مدرج في السوق الرئيسية لبورصة طوكيو، سجل 26% ارتفاعًا في أسعارها، بينما شهد 70% انخفاضًا، وبالنسبة لبقية الأسهم، والتي تمثل حوالي 2% من إجمالي الأسهم، حافظت على استقرار أسعارها.

تأثر الأسهم الأوروبية

استمرت الأسهم الأوروبية في الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي، حيث سجلت خسائر في الجلسة الخامسة على التوالي اليوم الجمعة، ويعود السبب الرئيسي لهذا التراجع إلى حالة الحذر التي تسود الأسواق قبل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة، والذي سيلقي بظلاله على قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.

وشهد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي تراجعاً إضافياً بنسبة 0.4% ليصل إلى 465.21 نقطة بحلول الساعة 07:11 بتوقيت غرينتش، مما يمثل انخفاضاً متتالياً للأسبوع الخامس على التوالي، وبهذا الانخفاض، يكون المؤشر قد فقد حوالي 3% من قيمته منذ بداية الأسبوع، ليقضي على سلسلة مكاسب استمرت لأربعة أسابيع متتالية.

وأغلق المؤشر الألماني داكس على انخفاض بنسبة 0.5%، وذلك عقب صدور بيانات اقتصادية أظهرت تراجعاً حاداً في الناتج الصناعي الألماني خلال شهر يوليو، حيث بلغت نسبة الانخفاض 2.4%، متجاوزة التوقعات السابقة.

وساهم قطاع الطاقة بشكل كبير في خسائر الأسواق، حيث تراجع بنسبة 0.8% على خلفية هبوط أسعار النفط إلى مستويات قريبة من أدنى مستوياتها خلال 14 شهراً.

ستشهد الأسواق العالمية تركيزاً كبيراً على بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة التي ستصدر في تمام الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، حيث يتوقع المحللون أن تشير هذه البيانات إلى إضافة 160 ألف وظيفة جديدة إلى الاقتصاد الأمريكي خلال شهر أغسطس، مقارنة بـ 114 ألف وظيفة في الشهر السابق، كما يُتوقع أن ينخفض معدل البطالة من 4.3% إلى 4.2%.

كما سيكون تركيز الأسواق على صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي المعدلة لاقتصاد منطقة اليورو للربع الثاني والتي ستُعلن في تمام الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت غرينتش.

كما تأثر سهم شركة إيرباص سلباً، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 1%، بعد أن أثار حادث حريق في محرك طائرة A350-1000 التابعة لشركة طيران كاثي باسيفيك مخاوف بشأن سلامة هذا الطراز، مما دفع الجهات التنظيمية إلى طلب فحص شامل للمحركات.

وقد شهد سهم شركة إليس الفرنسية تراجعاً حاداً بنسبة 10.5%، وذلك عقب تقارير أفادت بأن الشركة قد تقدمت بعرض للاستحواذ على شركة فيستيس، وهي وحدة سابقة تابعة لشركة أرامارك متخصصة في تأجير أطقم العمل الموحدة، هذا الخبر أثار قلق المستثمرين بشأن تأثير هذه الصفقة المحتملة على أداء الشركة.

ختاماً، تشير التطورات الأخيرة في أسواق الذهب والمعادن الثمينة والأسواق المالية العالمية إلى فترة من التقلبات والترقب، فبينما يترقب المستثمرون بفارغ الصبر صدور بيانات الوظائف الأمريكية التي قد تحدد مسار أسعار الفائدة، تستمر الأسواق في التفاعل مع مجموعة واسعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، من الواضح أن المستقبل يحمل الكثير من التحديات والفرص، مما يجعل من الضروري للمستثمرين متابعة التطورات عن كثب واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.