أصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بيانًا رسميًا بشأن اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) الذي عقد في يومي الثلاثين والحادي والثلاثين من شهر يوليو الماضي. وقد اتخذت اللجنة قرارًا بالإجماع على إبقاء سعر الفائدة عند المستوى الحالي الذي يتراوح بين 5.25% و5.50%. الجدير بالذكر أن هذا المستوى يمثل زيادة كبيرة مقارنة بسعر الفائدة الذي كان يتراوح بين 0% و0.25% خلال فترة تفشي جائحة كوفيد-19.
أعرب العديد من صناع القرار عن تفاؤل حيال التطورات الاقتصادية الأخيرة، حيث شهدنا تباطؤاً في وتيرة ارتفاع الأسعار وزيادة في معدلات البطالة، وقد رأى هؤلاء أن هذه المؤشرات الإيجابية تبرر خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع يوليو، أو على الأقل تمهيد الطريق لاتخاذ مثل هذا القرار في الاجتماعات المقبلة، لا سيما في سبتمبر.
وقد كشف محضر اجتماع البنك المركزي الصادر يوم الأربعاء عن تحول طفيف ولكنه بالغ الأهمية في تقييم صناع السياسة للتضخم، فبينما كان التقييم السابق في شهر يونيو يشير إلى أن التضخم "مرتفع"، أضاف صناع السياسة في اجتماع يوليو عبارة "إلى حد ما" لتعديل هذا التقييم، وهذه الإضافة البسيطة تحمل في طياتها دلالات مهمة، حيث تعكس تغيرًا في نظرة صناع السياسة لمسار التضخم في المستقبل.
ونوّه المحضر إلى تحقيق تقدم ملحوظ في كبح جماح التضخم خلال الفترة الأخيرة، مقترباً بذلك من الهدف الذي حددته اللجنة وهو 2%. ومن الجدير بالذكر أن المحضر حذف وصف التقدم بأنه "متواضع"، وهو الوصف الذي استخدم في الاجتماع السابق، مما يعكس تفاؤلاً أكبر لدى صناع القرار بشأن مسار التضخم المستقبلي.
رغم التأكيد المتكرر على حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد، أقدم الفيدرالي في اجتماعاته الأخيرة على تغيير طفيف ولكنه بالغ الدلالة في صياغة بياناته. فقد قام بحذف كلمة "للغاية" من عبارة "تظل اللجنة منتبهة للغاية لمخاطر التضخم". هذا التغيير البسيط يشير إلى تخفيف طفيف في حدة القلق بشأن الضغوط التضخمية، مما قد يعكس تحولًا في نظرة صناع السياسات لمسار الأسعار في المستقبل.
كما قاموا بتعديل العبارة ليتحول تركيز البنك الفيدرالي على تحقيق استقرار الأسعار مع التوظيف الكامل بدلًا من التضخم فقط، حيث قال صناع السياسات "تظل اللجنة منتبهة للمخاطر التي تهدد كلا جانبي التفويض المزدوج".
وبالنسبة لسوق العمل، فقد أفاد المحضر بتباطؤ إضافة الاقتصاد للوظائف، مع ارتفاع معدل البطالة، كما أشار إلى كونه لا يزال منخفضًا، وهذا يعتبر تطور ملحوظ مقارنة باجتماع يونيو، حيث قال صناع السياسات إن وتيرة إضافة الوظائف قوية، والبطالة منخفضة.
كما شهدت بيانات التضخم تحولاً ملحوظاً في شهر يونيو، حيث انخفض مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% مقارنة بالشهر السابق. هذا التراجع، وهو الأول من نوعه منذ أكثر من ثلاث سنوات، جاء بعد بداية قوية للتضخم في بداية العام، والتي كانت قد أثار توقعات برفع أسعار الفائدة. وبالتالي، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى تباطؤ في وتيرة ارتفاع الأسعار، مما قد يدفع الأسواق إلى إعادة تقييم توقعاتها بشأن السياسة النقدية.
وساهم التراجع في معدل التضخم السنوي من 3.3% إلى 3% في تخفيف حدة الضغوط التضخمية، مسجلاً أدنى مستوى منذ يونيو 2023، هذا التطور الإيجابي يوجه أنظار الأسواق العالمية نحو خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في منتدى جاكسون هول، حيث يتوقع المستثمرون أن يقدم باول تصورات واضحة حول مسار أسعار الفائدة الأمريكية في الفترة المقبلة، خاصة في ظل هذا التباطؤ في التضخم.