سجلت قيمة الطروحات الأولية في أسواق الخليج نمواً قوياً خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث ارتفعت بنسبة 44% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى 2.6 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقاً لأحدث تقرير صادر عن شركة "إرنست ويونغ" (EY).
ويعكس هذا الارتفاع المتسارع في قيمة الطروحات الأولية الثقة المتزايدة للمستثمرين في آفاق النمو الاقتصادي بدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في ظل الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز بيئة الأعمال.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الصعودي في الطروحات الأولية خلال الفترة المقبلة، مدعوماً بالعديد من العوامل الإيجابية، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية الجارية في العديد من دول الخليج، وزيادة الوعي بأهمية الاستثمار في الأسواق المالية، فضلاً عن التوقعات بارتفاع أسعار النفط.
وقد أكد التقرير أن المملكة العربية السعودية قد استحوذت على الحصة الأكبر من سوق الاكتتابات العامة في منطقة الخليج، حيث بلغت مساهمتها 61% من إجمالي قيمة الطروحات الأولية، والتي بلغت 1.6 مليار دولار أمريكي. وتؤكد هذه النسبة الساحقة استمرار الهيمنة السعودية على هذا القطاع الحيوي في المنطقة.
فقد تم في الربع الثاني من العام الحالي إطلاق عشر شركات سعودية جديدة للاكتتاب العام، حيث تم طرح خمس منها في السوق الرئيسية "تداول"، وخمس شركات أخرى في سوق "نمو" المخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة. هذا التنوع في الأسواق المستهدفة يعكس حيوية القطاع الخاص السعودي ورغبته في التوسع.
كما شهدت المنطقة العربية اكتتاباً ضخماً بمبلغ 763 مليون دولار مع طرح مستشفى الدكتور سليمان عبد القادر فقيه أسهمه للاكتتاب العام، مما يجعله أكبر اكتتاب في المنطقة.
وقد حقق اكتتاب شركة ألف للتعليم في أبوظبي نجاحاً كبيراً، حيث جمع مبلغاً ضخماً قدره 515 مليون دولار، ليصبح بذلك أكبر اكتتاب عام خارج المملكة العربية السعودية.
وشهدت البورصة الكويتية عودة حيوية إلى سوق الاكتتابات العامة، حيث تم طرح مجموعة البيوت الاستثمارية القابضة، في أول اكتتاب منذ عام 2020، وجمعت عملية الطرح 147 مليون دولار.
تتوقع شركة "إرنست ويونغ" (EY) من خلال تقريرها أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نشاطاً مكثفاً في مجال الطروحات الأولية خلال العام الجاري، حيث من المتوقع طرح 23 كياناً جديداً، بما في ذلك 16 شركة و7 صناديق تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية، مع توقع أن تأخذ السوق السعودية حصة الأسد من هذه الطروحات.
رغم أن أسواق الطروحات الأولية في الخليج شهدت نشاطاً ملحوظاً، إلا أن الأسواق العالمية بشكل عام عانت من تباطؤ ملحوظ خلال الربع الثاني من العام. فقد انخفض عدد وقيمة الطروحات الأولية عالمياً بنسبة 15% و31% على التوالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حيث بلغ إجمالي العوائد 27.8 مليار دولار.
أكد أنطوني حبيقة، المدير التنفيذي لشركة مينا ريسيرتش بارتنرز، على الانتعاش الملحوظ في سوق الاكتتابات الأولية في منطقة الخليج، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية تأتي في صدارة هذا النشاط.
وأوضح حبيقة أن الطروحات الحكومية التي استمرت على مدار السنوات الثلاث الماضية قد لعبت دوراً محورياً في تحفيز الأسواق ودعمها، مما شجع الشركات على الإقبال على طرح أسهمها، متوقعاً استمرار هذا الزخم الإيجابي.
وأكد أن الشركات المدرجة في أسواق المنطقة تتمتع بمستوى عالٍ من الجودة، حيث يتجاوز هامش صافي ربحها المتوسط العالمي بشكل ملحوظ، إذ يبلغ في المنطقة بين 15% و16% مقارنة بـ 9% إلى 10% على المستوى العالمي.