الكثير من الراغبين في الدخول إلى عالم التداول والاستثمار يشعرون بالحيرة من أمرهم بسبب تفكيرهم المستمر بحكم التداول والاستثمار عبر شركات الوساطة في الإسلام ويخشون من الوقوع في حرمانية التعامل في المعاملات الربوية المحرمة في الدين الإسلامي التي تعتمد عليها بعض الشركات، فما هو حكم التداول في الإسلام؟ وهل يحلل الإسلام التداول والاستثمار من خلال شركات الوساطة؟
الضوابط الشرعية لجواز التعامل بالبورصة
وضع الإسلام عدة ضوابط وقوانين للتعامل بالبورصة، فإذا كان التعامل يتم وفق نظام البورصة المعمول به دوليًا فهو محرم شرعًا لاشتمال هذا النظام على الإقراض بالفائدة، وعلى عدم التسليم عند الطلب عادةً، وإذا كانت المبالغ كبيرة يتم تأخير التقابض فيما يشترط الإسلام أن يكون التقابض بين البائع والمشتري على الفور، لكن إذا أمكنك أن تتاجر بالعملات، أو غيرها مما تتعامل به البورصة وفق الضوابط الإسلامية التالية فإن التداول والاستثمار سيكون جائزًا وهذه الضوابط تتمثل فيما يلي:
1. يجب أن يكون البيع والشراء متوافقًا مع رأس المال المدفوع، بعبارة أكثر وضوحًا ألا تقترض لتشتري.
2. أن يتحقق التقابض بين البائع والشاري دون تأخير، ضمن المتعارف عليه في مسألة التقابض بالإسلام.
3. أن يتمكن المشتري سواء كان شخصًا، أو شركةً، أو بنكًا من التصرف بالعملة التي اشتراها كما يتصرف المالك في ملكه.
4. أما إذا كان الاستثمار بالذهب، أو الفضة فيجب أن يكون التقابض عبر التماثل بالوزن.
5. أن تكون الأنظمة الاستثمارية في الشركة المراد التعامل معها واضحة للجميع.
في حال تحققت هذه الشروط يجوز لك الدخول في البورصة، ولكن إذا لم يتحقق شرط واحد منهم فيصبح التعامل مع البورصة محرمًا.
حكم التداول والاستثمار عبر شركات الوساطة في الإسلام
إذا كانت شركة الوساطة تلتزم بالضوابط الشرعية المذكورة أعلاه في معاملاتها، وكان مجال تعاملك معها لن يكون فيه أي عملية اقتراض بفوائد، أو أي وجه شبهات آخر، فيمكنك التعامل مع الشركة فلا حرج في ذلك.
حكم التداول والاستثمار بالأسهم
يشترط لتحليل التعامل بالأسهم أن يتحقق شرطان أساسيان هما:
-
يجب أن يكون النشاط الذي تقوم به الشركة التي تطرح أسهمها للبيع مباحًا، مثل بيع الأجهزة المباحة مثل الملابس، والسيارات، والهواتف المحمولة، وما إلى ذلك.
-
ألا تضع الشركة المراد التعامل معها جزءًا من أموال المساهمين في البنوك الربوية كي تأخذ الفائدة منها، ثم تضيفها إلى الأرباح ضمانًا لعدم الخسارة.
إذا تحقق هذان الشرطان جاز لك الاستثمار في الأسهم، وفي حال كان للشركة نشاطات أخرى تتعامل بالربا فالأفضل الابتعاد عنها وعدم استثمار الأموال عبرها تجبنًا للوقوع بالشبهات، وكذلك الأمر بالنسبة للتعامل مع البنوك، والأفضل والأسلم هو التعامل مع البنوك الإسلامية لكونها أبعد عن الشبهات، وأسلم من الوقوع بالربا.
أساسيات التداول والاستثمار في الإسلام
هناك مجموعة من الأساسيات التي اشترط الإسلام توفرها كي يتم التداول والاستثمار دون الوقوع في الحرام والتي من أهمها ما يلي:
-
يجب أن تُقرض شركات التداول أي أموال، وأن تكون جميع عمليات البيع والشراء من حر مالك فقط.
-
لا ينبغي على شركات الوساطة أن تفرض أي قيود على أموالك الخاصة، إذا يجب أن تتمكن من التحكم في أموالك متى شئت دون أية شروط، أو قيود تذكر.
-
يجب أن تتم أعمال التقابض بدون أي تأخير، وأن تتم أعمال البيع، والشراء على الفور حسب ما هو متعارف عليه تلك الأعمال تحديدًا.
-
كافة الأنظمة الاستثمارية التي تتداول بها يجب أن تكون مباحة مع الابتعاد عن التداولات في السلع، والخدمات المشبوهة مثل منتجات الخمور، والقمار، وغيرها من الأشياء التي حرم الدين الإسلامي التداول بها.
ما هي محظورات التداول والاستثمار في الإسلام؟
وضح الإسلام كل ما يرتبط بالتعاملات مثل التداول والاستثمار فيجب على كل من يريد التعرف على أحكام التداول أن يطلع أولًا على المحظورات التي حذر منها الدين الإسلامي أثناء التداول وهي تتمثل فيما يلي:
التعاملات الربوية
تعرف التعاملات الربوية بأنها الفائدة المالية الثابتة التي تضاف على رأس المال اثناء التداول، وهي من الأشياء المحرمة في الدين الإسلامي والتي يجب تجنبها عند الدخول في عالم التداول والاستثمار، ويجب التأكد من أن شركة الوساطة المالية التي تتعامل معها غير مشتركة بالمعاملات الربوية.
بيع أشياء غير موجود على أرض الواقع
يحرّم الدين الإسلامي بيع أشياء غير موجودة على أرض وهذا ما يسمى بالغرر يجب ألا يقع فيه من يفكر بالاستثمار والتداول وفق الشريعة الإسلامية.
رسوم التبييت
هي تلك الفائدة التي يحصل عليها المتداول، أو حتى يقوم بدفعها مقابل الاحتفاظ بأحد المراكز في يوم وليلة وهي من بين الأمور المحرمة أيضًا.
الفائدة على الودائع بالهامش
وهي تدخل تحت بند الربا وبناء عليه فهذه من الأمور المحرم شرعًا أيضًا.
الحصول على القروض الربوية
إن الحصول على قروض ربوية تشترط إضافة فائدة على المبلغ المُقترض يعتبر من الأمور المحركة شرعًا إذا ينبغي عليك عدم الحصول على قرض ربوي لشراء الأسهم فهذا من الأشياء التي حرمتها الشريعة الإسلامية.
المبيعات الآجلة
هو الاتفاق بين طرفين لبيع أو شراء أشياء بسعر محدد على أن يتم التسليم في المستقبل، وهذا من الأشياء التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
التداول بالهامش
حتى وإن حصل المستثمر على قرض بفائدة 0% فإن هذا يندرج تحت بند التداول بالهامش، وذلك لأن المستثمر اقترض المال بهدف الحصول على منفعة.
ما حكم الإسلام في تداول العملات؟
يعتمد تداول العملات على شرائها وبيعها بهدف الاستفادة من الفروقات السعرية التي قد يجنيها المتداول من خلال ارتفاع قيمة العملة التي اشتراها أو انخفاض عملة أخرى.
حيث يأتي الربح للمتداول من فرق العمل، وهنا تكون العملية برمتها عبارة عن بيع وشراء واضح، مع عدم وجود أي فوائد ربوية يتم فرضها على المتداولين.
وإذا كانت أمور التداول بالعملات تتم وفق ذلك وخالية تمامًا من الشبهات فيمكن التداول والاستثمار بالعملات على أن تختار إحدى شركات وساطة أو شركات تداول لا يوجد بها تعامل ربوي.
رأي الإسلام بالرافعة المالية
تعرف الرافعة الإسلامية بأنها هامش تقدمه شركات التداول للمتداول كي يُضارب عليه، وإذا خسر تبيع ما اشتراه وتحجز الأصل الذي اقترض منها، وبالإضافة لذلك لا تسمح الشركات بزيادة هامش خسارته، وبهذا الشكل يبقى مالها مضمون.
وبالتالي يستحيل الانتفاع بالهامش الأصلي المحجوز إلا من شركة الوساطة نفسها، وهذا يندرج تحت مسمى القرض الربوي (لأنه يجر نفعًا من ورائه للمقترض)، وبالتالي إن التداول والاستثمار عبر شركات الوساطة باستخدام الرافعة المالية حرام شرعًا لأنه يماثل القرض الربوي الذي يجر المنفعة وهذا ما يعرف بالربا، والربا محرم شرعًا.