في خطوة غير متوقعة، أقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، على خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى تخفيض أقل، هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها البنك بخفض أسعار الفائدة منذ مارس 2020.
وأكد بنك الاحتياطي الفيدرالي في بيانه الأخير أن الاقتصاد الأمريكي ما زال يسير قدماً، وإن كان بوتيرة أبطأ قليلاً. فقد شهد سوق العمل بعض التباطؤ، مع ارتفاع طفيف في معدل البطالة، إلا أنه لا يزال عند مستوى منخفض. وعلى الرغم من التقدم المحرز في كبح جماح التضخم، إلا أنه لا يزال أعلى من المستوى المستهدف الذي حددته اللجنة.
وقد أعربت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن تفاؤلها حيال التقدم المحرز في خفض التضخم، مؤكدة التزامها بالوصول إلى هدف التضخم البالغ 2%. ورغم هذا التفاؤل، حذرت اللجنة من أن التوقعات الاقتصادية لا تزال غير مؤكدة، وأنها ستظل متيقظة لمخاطر التضخم والركود، وتسعى اللجنة إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على ارتفاع الأسعار.
وأعلنت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن قرارها بخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، ليصبح النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بين 4 و3/4% و 5%. وجاء هذا القرار بعد تقييم اللجنة للتقدم المحرز في كبح جماح التضخم وتحليلها لتوازن المخاطر الاقتصادية.
وأكدت اللجنة أنها ستقوم بدراسة متأنية لكافة البيانات والمعلومات المتاحة، بالإضافة إلى تحليل التوقعات المستقبلية وتقييم المخاطر المحتملة، وبعد هذا التقييم الشامل، ستواصل اللجنة عملية خفض حيازاتها من السندات الحكومية وسندات الوكالات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
وفي الوقت نفسه، أكدت اللجنة التزامها القوي بدعم النمو الاقتصادي والعمل على إعادة معدل التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 2%.
كما أشارت إلى أنها ستعتمد على مجموعة واسعة من البيانات والمعلومات لاتخاذ قراراتها. وستقوم بتحليل أداء سوق العمل، ومستويات التضخم، والتوقعات الاقتصادية، والتطورات المالية العالمية، لتحديد أي مخاطر محتملة قد تتطلب تعديل السياسة النقدية.
حيث شهدت السياسة النقدية الأمريكية تحولاً جذرياً في مارس 2022، إذ رفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 0.25% و0.50%. ومنذ ذلك الحين، واصل الفيدرالي رفع سعر الفائدة بشكل تدريجي، حتى وصل إلى أعلى مستوى له عند 5.5%، مسجلاً بذلك زيادة بمقدار 5 نقاط مئوية.
وأظهر مسح أجرته نيويورك فيد أن توقعات الأمريكيين بشأن التضخم على المدى المتوسط والطويل ظلت مستقرة خلال الشهر الماضي، فقد حافظت التوقعات بشأن معدل التضخم السنوي على المستوى 3%، بينما بقيت التوقعات المتعلقة بالتضخم على مدى الخمس سنوات عند 2.8%.
وعلى الرغم من أن مؤشرات التضخم قد تراجعت بشكل ملحوظ بعد تسجيلها أعلى مستوياتها منذ أربعة عقود في عام 2022، إلا أن الآثار السلبية لارتفاع الأسعار لا تزال مستمرة، حيث يشعر الأمريكيون بعبء مالي كبير نتيجة لذلك.
ويُرجح أن يكون تباطؤ وتيرة التوظيف وتراجع فرص العمل عاملاً رئيسياً في تشكيل نظرة المستهلكين السلبية للاقتصاد.
وقد تباينت توقعات المستهلكين حول مستقبل التضخم على مدى السنوات الخمس القادمة بشكل كبير، ففي حين يتوقع ربعهم أن يشهد التضخم انخفاضاً حاداً ليصل إلى الصفر أو أقل، يرى آخرون أن التضخم سيشهد ارتفاعاً مضاعفاً ليصل إلى 6% أو أكثر.