تلعب أسعار الفائدة دورًا رئيسيًا في عمل الأسواق المالية، لهذا يراقب المستثمرون عن كثب تحركات أسعار الفائدة لما لها من تأثير قوي على أسعار الأسهم وتقلبات السوق، ومعنويات المستثمرين، وفي هذه المقالة نتعمق في العلاقة بين أسعار الفائدة، والأسهم، مع استكشاف الآليات التي يمكن من خلالها للتغيرات في أسعار الفائدة أن تؤثر على جوانب مختلفة من سوق الأسهم.
تعريف أسعار الفائدة
تشير أسعار الفائدة إلى النسبة المئوية التي يتقاضاها المُقرِضون، أو البنوك مقابل إقراضهم الأموال للشركات، أو الأفراد، كما يمكن تسمية الفائدة بأنها العائد الذي يجنيه المستثمرون على استثماراتهم، أو مدخراتهم، وتلعب البنوك المركزية في البلدان، مثل الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية دورًا مهمًا في تحديد أسعار الفائدة، ويستخدم البنك المركزي أسعار الفائدة كأداة لإدارة الظروف الاقتصادية، والتحكم في التضخم، ويمكن أن يكون للتغيرات في أسعار الفائدة آثار بعيدة المدى على مختلف قطاعات الاقتصاد بما في ذلك القطاع العقاري، والإنفاق الاستهلاكي، والاستثمار التجاري، والأسواق المالية مثل الأسهم والسندات.
لماذا تحتاج الشركات إلى الاقتراض بالفائدة؟
تحتاج الشركات إلى الاقتراض بالفائدة لعدة أسباب أهمها أنها تحتاج إلى أموال لتغطية عملياتها اليومية مثل دفع رواتب الموظفين، أو شراء المواد، أو الاستثمار في المعدات، أو الدخول باستثمارات كبيرة، أو تطوير تقنيات جديدة، أو دخول أسواق ثانية، أو إطلاق خدمات أو منتجات جديدة، حيث يتيح لهم المبلغ المقترض ضمان التشغيل السلس لأعمالهم، وتُحمّل الفائدة على المبلغ المقترض لصالح المُقرِض، وارتفاع أسعار الفائدة يعني أن الشركة ستتحمل تكاليف إضافية قد تؤدي إلى تخفيض أرباحها وبالتالي قد تأثر قيمتها السوقية سلبًا بسبب انخفاض سعر سهمها.
ما علاقة التضخم بأسعار الفائدة؟
العلاقة بين التضخم وأسعار الفائدة مترابطة وكلاهما يتأثران بالعوامل الاقتصادية، ولكن يمكن تلخيص العلاقة بينهما وفق ما يلي:
تسبب التوقعات في ارتفاع التضخم إلى رفع أسعار الفائدة، ولأن الأشخاص والشركات سيتوقعون ارتفاع الأسعار مستقبلًا فهم يطالبون بمعدلات فائدة أعلى تعويضًا عن الخسائر المتوقعة بسبب ضعف القوة الشرائية، ونتيجةّ لذلك تستجيب البنوك المركزية، والهيئات النقدية للتوقعات التضخمية عبر رفع أسعار الفائدة للحد من الإنفاق، وإدارة الضغوط التضخمية.
ومن المهم ملاحظة أن العلاقة بين التضخم، وأسعار الفائدة يمكن أن تكون معقدة، فهي تتأثر بعوامل متنوعة بما في ذلك الظروف الاقتصادية، وسياسات البنوك المركزية، وتوقعات السوق، والأحداث الخارجية، وفي سبيل الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي المستدام تراقب السلطات النقدية التضخم عن قرب وتعدل أسعار الفائدة وفقًا لها.
أهمية مراقبة تحركات أسعار الفائدة
تعد مراقبة تحركات أسعار الفائدة أمر بالغ الأهمية لكل من المستثمرين، والشركات، وصنّاع السياسات، والمستهلكين، وذلك لأنها تؤثر بشكل مباشر على القرارات الاستثمارية، وتكاليف الاقتراض، والإقراض، حيث يتابع المستثمرون أسعار الفائدة لتقييم العوائد، والمخاطر المحتملة، بينما يقيّم المقترضين والمقرضين قدرتهم على تحمل التكاليف، وتأخذ الشركات أسعار الفائدة في عين الاعتبار عند التفكير في الدخول باستثمارات جديدة، كما أن تتبعها يوفر نظرة ثاقبة على الحالة المستقبلية للاقتصاد.
وبالإضافة إلى ذلك تؤثر أسعار الفائدة على العملات وأسعار الصرف وهذا بدوره يؤثر على التجارة الدولية، والاستثمارات، وكل ذلك يجعل من الضروري البقاء على اطلاع دائم على اتجاهات أسعار الفائدة للتمكن من اتخاذ قرارات مستنيرة.
كيف تتأثر الأسهم بأسعار الفائدة؟
لا تُحدث التغييرات في أسعار الفائدة تأثيرًا على الاقتصاد فحسب بل يكون أن تؤثر على أسعار الأسهم، حيث تتأثر أسواق الأسهم بأسعار الفائدة وفق ما يلي:
ارتفاع أسعار الفائدة تؤدي إلى إنقاص الأرباح
تؤثر التغيرات في أسعار الفائدة على تكاليف الاقتراض للشركات، إذ يمكن أن تسبب أسعار الفائدة المرتفعة زيادة تكلفة الاقتراض مما يجعل عمليات تمويل مشاريعها، أو التوسع، أو تنفيذ مشاريع جديدة أكثر تكلفة عليها، وهذا يمكن أن يؤثر على أرباحها، وبالتالي يؤثر على أسعار الأسهم، وبالمقابل إن تخفيض أسعار الفائدة يؤدي إلى الحد من تكاليف الاقتراض وهذا يؤدي إلى زيادة أرباح الشركات مما يؤثر إيجابيًا على أسعار الأسهم.
تأثير أسعار الفائدة على سلوك المستثمرين ومشاعرهم
تلعب أسعار الفائدة دورًا في تشكيل سلوك المستثمرين والتحكم في مشاعرهم في سوق الأسهم، فعندما تكون أسعار الفائدة منخفضة يسعى المستثمرون إلى تحقيق عوائد عبر الاستثمار في الأسهم، وهذا الطلب المتزايد على الأسهم يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وعلى العكس من ذلك عندما ترتفع أسعار الفائدة فقد يحوّل المستثمرون استثماراتهم نحو الأصول الأقل خطورة، مثل السندات وهذا يؤدي إلى تقليل الطلب على الأسهم مما يتسبب في انخفاض أسعار الأسهم.
أسعار الفائدة تؤثر على الشركات حسب قطاعاتها
يمكن أن يُحدث أسعار الفائدة تأثيرًا مختلفًا على حسب القطاعات الاقتصادية التي تنتمي إليها الشركات، فقد تواجه الشركات التي تعمل في صناعات بأمس الحاجة لتكاليف الاقتراض مثل الإسكان، أو البناء، أو تصنيع السيارات تأثيرًا كبيرًا عند ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يمكن لأسعار الفائدة المرتفعة أن تقلل الطلب على القروض، أو الرهون العقارية، أو المشتريات الكبيرة، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم للشركات في مثل تلك القطاعات، بينما القطاعات الأقل اعتمادًا على الاقتراض مثل القطانات التكنولوجية، أو الرعاية الصحية قد تتعرض لتأثير بسيط بسبب تقلبات أسعار الفائدة.
تُسبب تقلبات السوق
يمكن أن تسبب تغيرات أسعار الفائدة زيادةً في تقلبات السوق، حيث يمكن للتغيرات السريعة، أو غير المتوقعة في أسعار الفائدة أن تُخلق حالة من القلق بين المستثمرين مما يؤدي إلى زيادة تقلبات السوق، وبالتالي قد تواجه أسعار الأسهم تقلبات أكبر أثناء تقلب أسعار الفائدة، وهذا يُجبر المستثمرين على تقييم استراتيجياتهم الاستثمارية ليبدأوا بإجراء تعديلات على محافظهم الاستثمارية مما يزيد من تقلبات سوق الأسهم.
في الختام، يبيّن مما جاء أعلاه أن العلاقة بين أسعار الفائدة وأسعار الأسهم معقدة، ومتعددة الأوجه، حيث يمكن أن يكون لتغيرات أسعار الفائدة آثار كبيرة على أسعار الأسهم، وسلوك المستثمرين، وتكاليف الاقتراض، وتقلبات السوق، و الديناميكيات الخاصة بكل قطاع اقتصادي، ولكن على أية حال يمكن أن يؤدي ارتفاع سعر الفائدة إلى خفض أسعار الأسهم بسبب التوقع بانخفاض الأرباح المستقبلية بمعدلات كبيرة، وعلى العكس من ذلك يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى ارتفاع أسعار الأسهم.