أكد محللون اقتصاديون أن شركات قطاع البتروكيميائيات في سوق الأسهم السعودية من المتوقع أن تسجل أرباحاً متزايدة خلال الربعين المقبلين من عام 2024، ويعزى هذا التوقع الإيجابي إلى عدة عوامل رئيسية.
حيث أظهرت النتائج المالية للشركات في الربعين السابقين كفاءة تشغيلية عالية، مما يعكس قدرة الشركات على إدارة عملياتها بكفاءة وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
كما شهدت الشركات زيادة ملحوظة في حجم المبيعات، مما يعكس ارتفاع الطلب على المنتجات البتروكيماوية سواء محلياً أو عالمياً.
وأثبتت شركات القطاع قدرتها على التكيّف مع التغيرات المستمرة في ظروف السوق، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات استباقية لتعزيز مرونتها وقدرتها على المنافسة.
كما أن التحسنات في الظروف الاقتصادية العالمية، وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، ساهمتا في دعم أداء الشركات وتعزيز توقعات الأرباح.
حيث سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في "تداول" أرباحًا قياسية بلغت 3.18 مليار ريال (800 مليون دولار) بنهاية الربع الثاني من 2024، بزيادة قدرها 1.22 مليار ريال (326 مليون دولار) مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. هذه الأرقام تؤكد مكانة القطاع كمحرك رئيسي للاقتصاد السعودي.
يعزى هذا النمو الملحوظ في أرباح شركات البتروكيمياويات إلى عدة عوامل رئيسية، منها تحسن الهوامش الربحية بشكل ملحوظ، وارتفاع متوسط أسعار المنتجات البتروكيميائية الرئيسية، بالإضافة إلى زيادة في الكميات المنتجة والمباعة.
ويتكون قطاع البتروكيميائيات من 11 شركة رائدة، وهي: سابك، سابك للمغذيات الزراعية، ينساب، سبكيم العالمية، المجموعة السعودية، نماء للكيماويات، التصنيع، المتقدمة، اللجين، كيمانول، وكيان السعودية.
وفد أعلنت جميع شركات قطاع البتروكيميائيات المدرجة في "تداول"، باستثناء شركتي "كيان السعودية" و"كيمانول"، عن تحقيق أرباح صافية خلال الربع الثاني من عام 2024، حيث سجلت الشركتان الأخريان خسائر بلغت نسبتها 36% و177% على التوالي.
استحوذت شركة سابك على الحصة الأكبر من أرباح قطاع البتروكيميائيات خلال الربع الثاني من عام 2024، حيث حققت نحو 69% من إجمالي الأرباح، وشهدت الشركة نموًا ملحوظًا في أرباحها بنسبة 85% لتصل إلى 2.18 مليار ريال، مقارنة بـ1.18 مليار ريال في الربع المقابل من العام السابق، وفي المرتبة الثانية جاءت شركة "سابك للمغذيات الزراعية" والتي حققت أرباحًا بلغت 705 ملايين ريال.
كما حققت شركة "ينساب" أعلى معدل نمو في الأرباح بين جميع شركات القطاع، حيث ارتفعت أرباحها بنسبة هائلة بلغت 720% لتصل إلى 224.8 مليون ريال في الربع الثاني من عام 2024، مقارنة بـ 27.4 مليون ريال في نفس الفترة من العام السابق.
وأكد محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة "جي وورلد"، في حديثه لـ"الشرق الأوسط" أن قطاع البتروكيميائيات يلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد السعودي، وأشار إلى أن النمو القوي الذي حققه القطاع خلال الربع الثاني من عام 2024، والذي بلغت نسبته 62.4%، وخاصة بقيادة شركة سابك، يشير إلى تعافي قوي وتوقعات إيجابية للربعين المقبلين.
وأكد محمد حمدي عمر أن تحقيق 9 من أصل 11 شركة في قطاع البتروكيميائيات لأرباح خلال الربع الثاني يعد مؤشرًا قويًا على التحسن الملحوظ في أداء القطاع، كما أشار إلى أن زيادة الأرباح لدى 6 شركات مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع الكفاءة التشغيلية وزيادة المبيعات، تعكس قدرة الشركات على التكيف مع التغيرات في السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية.
كما أكد أيضًا المحلل الاقتصادي أن الأداء القوي لقطاع البتروكيميائيات من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين، بما يتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي للمملكة، ومع ذلك، حذر من ضرورة تحقيق نمو مستدام على المدى الطويل لتأكيد استمرارية هذا الاتجاه الإيجابي، وأشار إلى أن القطاع لا يزال عرضة لتأثير العوامل الخارجية مثل التقلبات في أسعار النفط والظروف الاقتصادية العالمية، مما يستدعي متابعة هذه العوامل عن كثب.
ومن جهته أوضح الخبير عبيد المقاطي أن مؤشر أسهم شركات قطاع البتروكيميائيات قد شهد تحولات كبيرة خلال الفترة الماضية، فبعد انطلاقه من مستوى 3520 نقطة في بداية عام 2020، حقق المؤشر ارتفاعًا ملحوظًا ليصل إلى 8934 نقطة في منتصف عام 2022، ومع ذلك، شهد المؤشر بعد ذلك تصحيحًا طبيعيًا نتيجة لجني الأرباح، ليصل إلى مستوى 5409 نقطة، ويرى المقاطي أن المؤشر حاليًا في مرحلة تعافٍ جديدة، ويتوقع أن يتجاوز قيمته القياسية السابقة.
أوضح المحلل عبيد المقاطي أن أسهم قطاع البتروكيميائيات، وخاصة تلك التي تتداول بأسعار منخفضة، قد تشهد ارتفاعات قوية في المستقبل، واستند في تحليله إلى مثال سهم شركة سابك، الذي مر بعدة دورات من الارتفاع والانخفاض، فبعد التعديل السعري في عام 2009، حقق السهم قمة تاريخية عند 135 ريالًا، ثم واجه عدة تحديات أدت إلى انخفاض سعره، ومع ذلك، فإن الأرباح القوية التي حققها السهم مؤخرًا، والتي بلغت 2.18 مليار ريال في الربع الثاني من عام 2024، تشير إلى أن السهم قد يكون قريبًا من تحقيق ارتفاع جديد.
ولفت الخبير عبيد المقاطي الانتباه إلى الدورة الزمنية التي يتبعها سهم سابك، حيث يسجل قممًا وقيعان بشكل دوري كل عامين إلى ثلاثة أعوام، ويرى أن السهم حاليًا في مرحلة قاع دورة جديدة، مما يجعله فرصة استثمارية واعدة، كما أشار إلى أن القطاع بأكمله، بما في ذلك شركات الإسمنت والغاز والتصنيع، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء سهم سابك. ويرى أن أي تحسن في أداء سابك سوف يؤدي إلى تحسن أداء هذه الشركات، مما قد يدفع مؤشر المواد الأساسية لاختراق قيمته القياسية السابقة.
ومن الجدير بالذكر وفيما يتعلق بقطاع البتروكيماويات حققت شركة المعمر لأنظمة المعلومات قفزة نوعية في أعمالها بتوقيع عقد ضخم مع عملاق الصناعة في المملكة، الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك". يتضمن العقد توريد مجموعة متكاملة من منتجات وخدمات "مايكروسوفت" المتطورة، بقيمة تفوق 20% من إجمالي إيرادات الشركة للعام الماضي، هذا الإنجاز يؤكد مكانة "إم آي إس" الريادية في سوق تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، ويدعم مسيرتها نحو تحقيق نمو مستدام.
وأوضحت شركة المعمر لأنظمة المعلومات، في بيان لها على "تداول السعودية" اليوم الأربعاء، أن العقد الذي يمتد لثلاث سنوات سيشمل تقديم مجموعة واسعة من الحلول التقنية المتكاملة لشركة سابك.
وأشارت إلى أن العقد سيكون له انعكاس إيجابي على أدائها المالي ابتداءً من الربع الأخير من العام الجاري 2024.