منذ زمنٍ بعيد وقبل ظهور النقود، هل تساءلت يومًا ما كيف حصل الناس على احتياجاتهم؟ ولم تجد إجابة، حسنًا أنا هنا لأخبرك أنه في ذلك الوقت كان لديهم نظام يسمى المقايضة وهذا يعني تبادل الأشياء بين شخصين مثل أن يعطي الأول أرز، ويأخذ بدلًا عنه زيت من الثاني، أو يُنفّذ له خدمةً ما، وبالتالي إن هذه الحاجة الجماعية هي التي تدفع الشخص إلى مبادلة الأشياء التي يملكها بين يديه لتلبية متطلباته، وهذا يعتبر من أعمال التجارة (التداول). لكن ما هو التداول بصورة أوضح؟ وكيف تستثمر أموالك؟ وما هي الخطوات الأولى نحو تعلم التداول وتحقيق ربح؟
ما هو التداول (التجارة)؟
بعبارات بسيطة التجارة هي في الأساس تبادل طوعي للسلع بين طرفين كأن يتبادلا موارد كل منهما سواء كانت سلع، أو خدمات.
إذ يعتمد نظام التجارة على مفهوم الحاجة، مع وجود نوع من العلاقة التكافلية التي يفيد فيها كل من البائع والمشتري الآخر.
من الناحية المالية يشير التداول إلى بيع وشراء الأصول، والأوراق المالية بين الطرفين.
ويمكن تعريف التجارة في جملة واحدة بسيطة، هي تحقيق الرغبات من قبل شخصين، أو مجموعتين عبر تبادل السلع، والخدمات المادية الخاصة بكل منهما.
تاريخ التداول وأهميته
أساسيات التداول هو ممارسة مستمرة منذ قرون مع اختلاف تقنياتها بين زمنٍ وآخر، إلى أن ظهرت مشكلة هي أنه لم يكن كل الأشخاص قادرين عن التنازل عن شيء يملكونه للحصول على شيء آخر، وكان حل هذه المشكلة هو صك النقود التي يمكن تداولها بدلًا عن أي شيء مقابل قيمة نقدية متبادلة.
ومع مرور الوقت حتى النقود نالت نصيبها من تغييرات تقنيات التداول، حيث تحولت من كونها معادن ثمينة، أو عملات معدنية موحدة، إلى عملات مشفرة، أو عملات رقمية كما هو الحال في وقتنا الحالي.
قدّم التداول عددًا من الفوائد مثل النمو الاقتصادي حيث يؤدي التداول إلى تبادل الفرص بين الدول مما يؤدي إلى سعيها الجادة نحو التنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك يساهم التداول في تحسين الظروف المادية للمواطنين في البلدان من خلال توفير فرص عمل لهم وهذا يحسن بشكل كبير من الوضع المالي للأفراد والبلدان على حدٍ سواء.
أنواع التداول حسب فئة الأصول
تداول الأسهم
يشير تداول الأسهم إلى أي عملية بيع، وشراء لأسهم الشركات لمحاولة كسب المال من تغيرات الأسعار، حيث يراقب متداولو الأسهم تغيرات أسعارها على المدى القصير، ويحاولون الشراء بسعر منخفض، والبيع بسعر مرتفع.
يمكن أن يساهم تداول الأسهم في تحقيق مكاسب سريعة للمتداولين إلا أنه قد يعرضهم لخطر حدوث خسائر كبيرة وذلك لأنه قد ترتفع ثروة شركة ما بسرعة أكبر من السوق، وبالمقابل يمكن أن تنخفض فجأة دون توقع سابق.
تداول الفوركس
يمكن تعريف الفوركس (العملات الأجنبية) بأنه عبارة عن شبكة من المشترين، والبائعين الذي يحولون العملات (من دولار إلى يورو، أو العكس مثلًا) فيما بينهم بسعر متفق عليه، وهي الوسيلة التي يحوّل من خلالها الأفراد، والشركات، والبنوك المركزية عملة إلى أخرى في الأسواق المالية، إذا كنت سافرت في وقتٍ سابقٍ إلى دولة أخرى فمن المحتمل أنك أجريت معاملة فوركس دون أن تشعر وذلك لأنك حولت أموالك من عملة إلى أخرى.
يتم التحويل بين العملات الأجنبية لأغراض عملية ولكن الغالبية العظمى من المتداولين يفعلون ذلك بهدف جني الأرباح من فروق الأسعار، فكمية العملة المحولة كل يوم يمكن أن تجعل تحركات أسعار بعض العملات متقلبة للغاية، وهذا التقلب هو الذي يمكن أن يجعل تداول العملات الأجنبية (فوركس) جذابًا للمتداولين فهو يجلب فرص أكبر لتحقيق أرباح جيدة، مع زيادة المخاطر طبعًا.
تداول السلع
غالبًا ما تُصنّف السلع التي يتم تداولها إلى فئات رئيسية وهي سلع المعادن (الذهب، والألمنيوم، والفضة، والبلاتين، والنحاس) ، والطاقة (النفط الخام، الغاز الطبيعي، البنزين، المازوت) والزراعة (البن، القطن، السكر، الأرز، الكاكاو، القمح)، والثروة الحيوانية (الماشية ومشتقاتها مثل الصوف واللحوم)، وهذه كلها سلع يمكنك شرائها عبر الإنترنت والاحتفاظ بها وبيعها عندما ترتفع قيمتها في السوق، وبالتالي تستطيع جني الأرباح من خلالها.
تداول العملات الرقمية
تعرف عملية تداول العملات الرقمية إلى عمليات المضاربة على سعر العملة المشفرة بالمقارنة مع فئات الأصول الأخرى التي تحدثنا عنها أعلاه، ويعتبر سوق العملات الرقمية مفهومًا حديثًا بعض الشيء، وفي تداول العملات الرقمية يمكنك الشراء إذا كنت تعتقد أن قيمة العملة سترتفع، أو البيع إذا كانت قيمتها ستنخفض ويمكن التداول بالعملات الرقمية بالعقود مقابل الفروقات عن طريق منصات التداول معدة لذلك.
تداول المؤشرات
يتيح تداول المؤشرات للمتداولين شراء وبيع مجموعة من مؤشرات الأسهم التي تمثل قطاعًا أو سوقًا محددًا.
أنواع التداول حسب الإطار الزمني
التداول اليومي (التداول بالهامش)
هو أحد أكثر أنواع التداول عبر الانترنت شهرةً حيث يعتمد الكثير من المتداولين الخبراء عليه لتحقيق أرباح أعلى من المتوسط، إلا أنهم يضعون في عين الاعتبار أنه تداول مرتفع الخطورة، وفيه يشتري المتداولون الأسهم، أو صناديق الاستثمار ويبيعونها في نفس اليوم وهذا يوفر لهم ميزة عدم دفع رسوم المعاملات في كل مرة يبيعون فيها ممتلكاتهم ، لكن إذا كنت تاجرًا مبتدئًا فمن الأفضل عدم الاعتماد على التداول بالهامش فهذا قد يزيد من خسائرك.
التداول المركزي
إنها استراتيجية متوسطة الأجل للمستثمرين الذين يستطيعون تجاهل تقلبات الأسعار على المدى القصير، والتركيز على المكاسب طويلة الأجل، لكن يتعين على المتداولين دفع رسوم المعاملات في كل مرة يبيعون فيها ممتلكاتهم.
يقوم بعض المتداولين المركزيين بتحليل حركة سعر السهم لتحديد نقاط الدخول، والخروج، ويرسمون خطوط الدعم والمقاومة على الرسم البياني لفهم رحلة السهم، ويعتمدون على المؤشرات الفنية لتخمين الاتجاه المستقبلي للسهم، وبعض المؤشرات الفنية المعروفة هي RSI، وMACD، وما إلى ذلك.
تداول سوينغ (التداول المتأرجح)
يقوم المتداولون في هذا النوع من التداول عبر الانترنت بتحليل الرسم البياني على فترات متفاوتة مثل 5 دقائق، أو 15 دقائق، أو 30 دقيقة، أو ساعة واحدة، أو حتى الرسم البياني اليومي، لاكتشاف موجات تقلبات الأسعار، قد يتداخل تداول سوينغ مع التداول اليومي، أو التداول المركزي، ويعتبره التجار والمستثمرون الأصعب بين أنواع التداول المختلفة في سوق الأوراق المالية.
تداول طويل الأجل
يعد التداول طويل الأجل مناسبًا للمتداولين المبتدئين فهو الأكثر أمانًا، حيث يحلل المتداول طويل الأجل إمكانات نمو الأسهم خلال السنوات القادمة عبر متابعة الأخبار، ودراسة الصناعة المراد التداول بها، والتعرف على حركة الاقتصاد، ويحتفظ المتداولون في هذا النوع من التداول بأسهمهم لسنوات، أو عقود، أو حتى مدى الحياة.
المضاربة
هي مجموعة فرعية من التداول اليومي، فبينما يحدد المتداولون اليوميون الفرص ويستمرون في الاستثمار طوال اليوم لتحقيق الأرباح، ينشئ المضاربون صفقات متعددة قصيرة الأجل للاستفادة من الصعود والهبوط، ويحتاج المضارب إلى قوة مراقبة عالية، وخبرة ممتازة وقدرة على الدخول في صفقات محددة.
المضارب لا يمانع في خسارة عدد قليل من الصفقات للفوز ببعضها، وفي نهاية اليوم يقارنون بين الصفقات الخاسرة والرابحة لمعرفة إما أنه رابح، أو خاسر، وقد تستمر صفقات المضارب بين عدة دقائق إلى ساعة.
تداول الزخم
من بين أنواع التداول عبر الانترنت المختلفة في سوق الأوراق المالية، يعتبر تداول الزخم أحد أسهل أنواع التداول بالتالي فهو يناسب المتداولين المبتدئين، وفي هذا النوع من التداول يحاول المتداول توقع زخم السهم للدخول، أو الخروج في الوقت المناسب، حيث يخرج المتداول إذا كان السهم على وشك الهبوط، أو هبط بالفعل، أو إذا انخفض السهم فهو يشتري على أمل البيع بسعر مرتفع.
طريقة البدء بالتداول
تتمثل طريقة البدء بالتداول في ثلاثة خطوات بسيطة يجب أن يعرفها كل متداول مبتدئ يرغب باستثمار أمواله، وهي تتمثل فيما يلي:
اختيار الوسيط
تتمثل مهمة الوسيط في تنفيذ صفقاتك، وتخزين رصيدك المالي في حساب مستقل، وشركات الوساطة الموثوقة تخضع للتنظيم، والترخيص من الهيئات الرقابية المحلية، والعالمية لهذا يمكنك التداول في شركة وساطة دون الخشية من التعرض لعمليات الاحتيال إذا كانت منظمة وموثقة.
تقدم شركات الوساطة خدمات متنوعة، وأنواع حسابات عديدة، لهذا فإن هذه الخطوة حساسة جدًا، وهي من أهم خطوات البدء بالتداول فكل أموالك ستكون في هذه الشركة، ولاختيار شركة الوساطة المناسبة لك يجب أن تتبع هذه الخطوات التالي:
-
ابحث عن شركة وساطة ذات تكلفة منخفضة، أي أنها تفرض عمولات ورسوم منخفضة.
-
تأكد من أن الشركة التي تنوي التعامل معها مرخصة ومنظمة فهذا يوفر أمانًا جيدًا لأموالك.
-
يجب أن توفر لك شركة الوساطة تعاملات موثوقة وذلك من خلال تنفيذ المعاملات على الفور مع الحد من حالات انقطاع النظام.
-
إقرأ المراجعات حول شركة الوساطة وتأكد من الميزات والعيوب.
-
إذا كنت بحاجة إلى حساب تجريبي قبل البدء بالتداول تأكد من أن الوسيط يوفره لك.
فتح حساب التداول وتمويله
بعد اختيارك للوسيط يجب البدء بفتح حساب تداول، ولكن قبل ذلك يجب أن تجيب على بعض الأسئلة حول مدى خبرتك الاستثمارية، وتحدد تلك الأسئلة مدى خبرتك في حساب التداول الذي تطلب التسجيل فيه، ويجب أن تقدم أيضًا عنوانك، ورقم هاتفك، ومعلومات شخصية أخرى.
ولكن أفضل طريقة للتعرف أكثر على التداول هو فتح حساب تداول تجريبي والتدرب قبل الانطلاق، إذ يمنحك التداول في سوق افتراضي استكشاف التداول وتجربته وتعلمه ثم الدخول بثقة أكبر بحسابات حقيقية، حيث يمكنك البدء بالتداول الحقيقي عندما تكون مستعدًا تمامًا لفتح حساب تداول حقيقي، ثم تمويله من خلال خيارات الإيداع التي يوفرها لك الوسيط.
إجراء التداولات مع الاستفادة من الأوامر
بمجرد فتح حسابك الحقيقي وتمويله، تستطيع البدء بالتداول، لكن لا تنس الاستفادة من الأوامر التي يوفرها لك الوسيط التي تمنع الخسائر الكبيرة في حال انخفاض سعر الأصل المالي، ومن هذه الأوامر نذكر لك:
أمر الوقف (Stop order)
يمكنك تنفيذه بعد انخفاض السعر خلال النقطة المحددة، ويتم تنفيذ هذا الأمر بسعر السوق وليس عند نقطة التوقف المختارة.
أمر الوقف المحدد (Stop limit order)
يشبه هذا النوع أمر الوقف، إلا أن ينفذ السعر الذي تحدده بدلًا عن سعر السوق.
أمر الوقف المتحرك (Trailing stop order)
يتشابه كثيرًا مع أمر الوقف، ولكن يمكن الفرق في أن هذا النوع من الأوامر يُبقي سعر البيع متحركًا بدلًا من أن يبقى ثابتًا، وتقوم بتعيين سعر الوقف بعدد من النقاط، أو كنسبة مئوية، ويتم تنفيذ البيع عندما ينخفض السعر بهذا المبلغ، إذا ارتفع السعر فإن المعاملة تستمر بالصعود.