حذر محللون استراتيجيون في بنك ويلز فارجو من أن الأسواق المالية قد تشهد مفاجأة إيجابية غير متوقعة مع قرب بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي.
وأشار المحللون في تقريرهم الصادر يوم الأربعاء إلى أن الظروف الحالية تحمل تشابهات ملحوظة مع تلك التي شهدتها الأسواق في عام 1995. ففي ذلك العام، قام الفيدرال ببدء دورة تخفيفية لأسعار الفائدة تزامنت مع انخفاض التضخم، مما أدى إلى انتعاش قوي في الأسواق.
ويرى خبراء ويلز فارجو أن تكرار هذا السيناريو في الوقت الحالي قد يوفر فرصًا استثمارية واعدة للمستثمرين، خاصة وأن الشركات قد تشهد تحسنًا في أرباحها مع انخفاض تكاليف التمويل.
فقبل حوالي 29 عاماً، أطلق مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، برئاسة آلان جرينسبان، سلسلة من القرارات بخفض أسعار الفائدة، حيث جاءت هذه الخطوة في وقت شهد فيه الاقتصاد الأمريكي انخفاضاً في معدلات التضخم، مما سمح بتنفيذ هبوط اقتصادي تدريجي دون أن يتحول إلى ركود عميق.
وقال "كريس هافرلاند" استراتيجي الأسهم العالمية في معهد "ويلز فارجو" للاستثمار: "هناك ما يكفي من أوجه التشابه بحيث يمكن لدورة عام 1995 أن توفر خريطة طريق محتملة لأرباح الشركات وأسعار الأسهم في الأرباع المقبلة".
حيث شهد العام الذي تلا أول خفض لأسعار الفائدة خلال دورة التيسير الكمي في 1995 ارتفاعاً ملحوظاً في أرباح الشركات المدرجة ضمن مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 12%. كما ارتفع المؤشر نفسه بأكثر من 40% خلال الأشهر الثمانية عشر التالية. وعلى الرغم من هذا الأداء القوي، لم تتمكن الشركات المتوسطة والصغيرة من تحقيق نفس المعدلات المرتفعة من النمو.
ومن الجدير بالذكر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات قد حقق أداءً استثنائياً قبل الإعلان عن أول خفض لأسعار الفائدة في عام 1995، ومع ذلك، شهد هذا القطاع تقلبات ملحوظة خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر التالية، حيث انتقل بين فترات من الأداء القوي وفترات من التذبذب، قبل أن يستعيد عافيته ويحقق نمواً قوياً مرة أخرى.
وقال "هافرلاند" إن أداء القطاع المالي الذي تفوق عقب خفض الفائدة في دورة 1995 قد يتكرر الآن، حيث رفع توصيته للقطاع مؤخرًا وأضاف: "إذا اتخذ القطاع مسارًا مشابهًا خلال دورة التيسير القادمة، فسوف نبحث عن فرص لرفع التوصية مجددًا".
وقد شهد القطاع المالي خلال الدورة المذكورة نمواً ملحوظاً عقب أول خفض لأسعار الفائدة، حيث حقق عائداً بنسبة 2.6% خلال الشهر الأول، وارتفع هذا العائد إلى 16.4% بعد ثلاثة أشهر، ثم إلى 18.9% بعد ستة أشهر، وواصل الصعود ليصل إلى 30.3% بعد عام كامل، وبلغ ذروته عند 64.4% بعد 18 شهراً.
على النقيض من القطاع المالي، شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات تحولاً دراماتيكياً في أدائه. فقبل ستة أشهر من خفض أسعار الفائدة، كان القطاع قد حقق عائداً مرتفعاً بلغ 42.7%. ومع ذلك، وبعد ستة أشهر من خفض الفائدة، انقلب الحال تماماً، حيث سجل القطاع عائداً سالباً قدره 3.8%. وعلى الرغم من هذا التراجع المؤقت، تمكن القطاع من التعافي بشكل ملحوظ، محققاً عائداً إيجابياً قدره 46% بعد 18 شهراً.
لم يقتصر الأثر الإيجابي لخفض أسعار الفائدة على القطاع المالي وتكنولوجيا المعلومات فحسب، بل امتد إلى قطاعات حيوية أخرى مثل المواد الاستهلاكية الأساسية والطاقة والرعاية الصحية والصناعة، فقد حققت هذه القطاعات عوائد قوية بلغت 48.6%، 44.8%، 59.7%، و43.7% على التوالي، بعد 18 شهراً من تنفيذ سياسة التيسير النقدي.
لا شك أن الدورة الحالية للسياسة النقدية تختلف بشكل كبير عن الدورات السابقة، حيث شهدنا ارتفاعاً غير مسبوق في معدلات التضخم، مما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية والإبقاء عليها عند هذه المستويات لفترة أطول. ومع ذلك، يرى المحللون أن الاقتصاد الأمريكي، رغم هذه التحديات، سيتمكن من تجنب الركود، ويتوقعون نمواً تدريجياً حتى عام 2025. ويربط المحللون هذا التوقع بتحسن الأوضاع المالية، والذي من شأنه أن يدعم نمو أرباح الشركات ويقوي أداء سوق الأسهم.