شهدت أسواق التكنولوجيا العالمية هزة عنيفة إثر الخلل التقني الذي ضرب عملاقَيْ البرمجيات مايكروسوفت وكراودسترايك، إذ تسبب هذا العطل في خسائر فادحة تجاوزت 34 مليار دولار، مما أثر سلبًا على ثقة المستثمرين وعرقل عمل شركات حيوية في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطيران والمال.
فقد أثار عطل تقني واسع النطاق، نجم عن تحديث معيب أطلقته شركة كراودسترايك، قلقاً عالمياً، فقد تسبب هذا العطل في شلل أنظمة تقنية حيوية في العديد من المؤسسات، مما دفع مسؤولة كبيرة في الأمن السيبراني الأميركية إلى وصف هذا الخطأ بأنه "خطير".
وقالت مديرة وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية "جين إيسترلي" في منشور على لينكد إن نُشر يوم السبت "كانت قضية ضخمة ذات تأثيرات خطيرة على عمليات البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء العالم".
ثم أضافت "يجب على أي شركة تنتج أي نوع من البرامج أن تعطي الأولوية لتقليل عدد العيوب عند تصميمها، واختبارها وتسليمها لهذه البرامج.
وكشفت شركة مايكروسوفت عن أن العطل التقني الناتج عن تحديث معيب في برنامج أثر على 8.5 مليون جهاز حول العالم تعمل بنظام التشغيل ويندوز. وعلى الرغم من أن هذا العدد يمثل نسبة صغيرة من إجمالي أجهزة ويندوز، إلا أن التأثير كان عالمياً وشمل مجموعة واسعة من المستخدمين والشركات.
لكن رغم الانتقادات المتكررة التي وجهتها إلى شركة مايكروسوفت بسبب الثغرات الأمنية المتكررة، خرجت إيسترلي بتصريح مفاجئ، مؤكدة أن العطل الأخير الذي شل خدمات العديد من المستخدمين حول العالم "لم يكن خطأ مايكروسوفت". هذا التصريح المتناقض يثير تساؤلات حول معايير التقييم التي تتبعها الوكالة في تحليلاتها التقنية.
وقد شهدت شركة مايكروسوفت تراجعًا حادًا في قيمتها السوقية، حيث خسرت ما يقرب من 23 مليار دولار خلال جلسة التداول يوم الجمعة الماضي. ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع سهم الشركة بنسبة 0.71%، مما أثار قلق المستثمرين بشأن أدائها.
خسائر مايكروسوفت
انخفض سهم شركة مايكروسوفت انخفاضاً ملحوظاً، متراجعاً من 443.64 دولار إلى 440.49 دولار، وذلك في أعقاب الانهيار التقني الذي أصاب أنظمة الشركة وأدى إلى شلل واسع النطاق في أعمال الشركات حول العالم.
كما تجاوزت خسائر مايكروسوفت المادية الناجمة عن هذا العطل لتصل إلى مستوى أعمق، حيث أثار الحادث نقاشاً استراتيجياً حول ضرورة إعادة النظر في بنية الأمن السيبراني العالمية. وتدفع هذه الأزمة الشركات والمؤسسات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والبحث عن حلول أكثر مرونة وقدرة على الصمود.
لكن رغم عودة الأنظمة إلى طبيعتها بعد الخلل الفني الذي شهدته مايكروسوفت، إلا أن السوق تتوقع أن تشهد الشركة تداعيات أعمق في الأيام المقبلة، فبعد أن فقدت ثقة المستثمرين والعملاء، ستضطر مايكروسوفت إلى بذل جهود مضنية لإعادة بناء سمعتها وإقناع العالم بسلامة تقنياتها، وإلا ستواجه خسائر فادحة قد تتجاوز الخسائر المالية المباشرة.
خسائر كراودسترايك
لم يسلم سهم شركة كراودسترايك من تداعيات الخلل التقني الذي تسبب به، حيث تراجع بنسبة 11.10% يوم الجمعة، مما أدى إلى خسارة الشركة قرابة 11.6 مليار دولار من قيمتها السوقية.
كما تلقى جورج كورتز، الرئيس التنفيذي لشركة كراودسترايك، ضربة موجعة على ثروته الشخصية، حيث خسر حوالي 320 مليون دولار نتيجة للتراجع الحاد في سهم الشركة. ويملك كورتز حصة تقدر بـ 5% من أسهم الشركة، مما يجعله أحد أكثر المتضررين من هذا التراجع.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن العطل التقني الذي تعرضت له شركة كراودسترايك قد يكلفها خسارة فادحة تصل إلى 16 مليار دولار من قيمتها السوقية، أي ما يعادل حوالي 21% من قيمتها الحالية. وتأتي هذه التقديرات في ظل المخاوف المتزايدة من تبعات هذا الحادث على سمعة الشركة وثقة المستثمرين.
كما تواجه شركة كراودسترايك ضربة موجعة جديدة، حيث أعلن إيلون ماسك، رجل الأعمال البارز، عن قرار استراتيجي بوقف استخدام منتجات الشركة في جميع شركاته. ومن المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى خسائر مالية كبيرة لكراودسترايك، وقد يشجع شركات أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، مما يهدد بتهديد مكانة الشركة الرائدة في سوق الأمن السيبراني.
وقد أشعل العطل التقني الذي تعرضت له شركتا مايكروسوفت وكراودسترايك فتيل المنافسة في سوق الأمن السيبراني. فقد استغلت شركة كاسبرسكي هذه الفرصة للترويج لمنتجاتها، مدعية تفوق أنظمتها وقدرتها على تجنب مثل هذه الأخطاء. ومن المتوقع أن يؤثر هذا الهجوم الإعلامي على سمعة الشركتين المتضررتين، ويدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم استثماراتهم فيهما.