أصول الصناديق المتداولة النشطة تقترب من تريليون دولار اكتشف السر وراء النمو الهائل

إن التقلبات المتكررة في أسواق المال تدفع المستثمرين الأمريكيين على وجه الخصوص إلى إعادة تقييم استثماراتهم باستمرار، وعادة ما يلجأ هؤلاء المستثمرون إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) كأداة عملية ومرنة لتعديل محفظتهم الاستثمارية بما يتماشى مع التغيرات السوقية، أو لتجربة استراتيجيات استثمارية جديدة.

ما هي صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)؟

صندوق الاستثمار المتداول (ETF) هو ببساطة صندوق يستثمر في مجموعة متنوعة من الأصول، مثل الأسهم والسندات والسلع، بدلاً من شراء كل أصل على حدة، يمكنك شراء وحدة واحدة من هذا الصناديق وبذلك تمتلك جزءاً صغيراً من كل الأصول الموجودة فيه.

وتعد صناديق الاستثمار المتداولة مهمة لأنها تتيح لك تنويع استثماراتك بسهولة، مما يقلل من المخاطر، كما أنها سهلة الاستخدام بحيث يمكنك شراءها وبيعها مثل الأسهم العادية، مع معرفة الأصول التي يستثمر فيها الصندوق بكل شفافية.

وبالإضافة إلى ما سبق تعد ETFs ذات تكاليف أقل من صناديق الاستثمار التقليدية.

لنفترض أنك تريد الاستثمار في سوق الأسهم الأمريكية، فبدلًا من شراء أسهم شركات فردية مثل آبل، ومايكروسوفت، يمكنك شراء صندوق من صناديق الاستثمار المتداولة الذي يتبع لمؤشر S&P 500 مثلًا، بهذه الطريقة ستمتلك جزءًا صغيرًا من كل الشركات ال500 الموجودة في هذا المؤشر.

باختصار صناديق الاستثمار المتداولة هي طريقة سهلة وفعالة لتنويع استثماراتك والبقاء على إطلاع بأحدث التطورات في الأسواق المالية وهي مثالية للمستثمرين الذين يريدون بناء محفظة استثمارية متوازية على المدى الطويل.

ما السراء وراء إقبال المستثمرين على صناديق الاستثمار المتداولة؟

نمت صناديق الاستثمار المتداولة نموًا مذهلاً منذ تفشي جائحة كورونا، حيث تضاعف حجم سوقها تقريبًا، ووفقًا لأحدث البيانات التي أصدرتها شركة بلاك روك، بلغ إجمالي أصول هذه الصناديق 7.1 تريليون دولار أمريكي حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي، مما يمثل 13% من إجمالي سوق الأسهم الأمريكية و2.8% من سوق السندات الأمريكية. بالمقارنة، كانت هذه الأرقام تقدر بـ 3.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2019.

وألقى الخبير الاقتصادي تود سوهن، وهو متخصص في صناديق الاستثمار المتداولة بشركة استراتيجاس لإدارة الأصول، الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية لاستثمار الأموال في هذه الصناديق، مما يوفر للمستثمرين نظرة شاملة على مزاياها وعيوبها.

من أبرز المزايا التي تتمتع بها صناديق الاستثمار المتداولة انخفاض تكلفتها على المستثمرين، ويعود ذلك بشكل كبير إلى المنافسة الشديدة بين شركات الوساطة التي أدت إلى تخفيض الرسوم بشكل ملحوظ، وصولاً إلى ما يُعرف بالعمولات الصفرية.

وصف تود سوهن تكلفة شراء صندوق يتتبع مؤشر S&P 500 بأنها 'لا شيء تقريبًا'، حيث يمكن للمستثمر أن يشتري هذا الصندوق مقابل رسوم تبلغ 2 أو 3 نقاط أساس فقط، هذا يعني أن التكلفة الإجمالية للاستثمار في هذا الصندوق ستكون ضئيلة للغاية.

إن محاولة بناء محفظة استثمارية تتطابق تمامًا مع مؤشر S&P 500 عن طريق شراء سهم واحد من كل شركة مدرجة فيه ستكون مكلفة للغاية، تشير حسابات Yahoo Finance إلى أن تكلفة هذه العملية قد تتجاوز 15.5 مليون دولار، وذلك دون احتساب رسوم الوساطة، بالمقارنة، فإن تكلفة إدارة صندوق استثمار متداول يتتبع هذا المؤشر نفسه، والبالغة 3 نقاط أساس سنويًا، ستكون أقل بكثير، حيث يدفع المستثمر فقط 3 دولارات مقابل كل 1000 دولار مستثمر.

تتميز صناديق الاستثمار المتداولة بقدرتها على تغطية نطاق واسع من الأسواق والاستراتيجيات الاستثمارية، مما يوفر للمستثمرين فرصة أكبر لتحقيق التنوع في محفظتهم والاستفادة من مختلف الفرص المتاحة في الأسواق المالية.

وقد شدد سوهن على أن صناديق الاستثمار المتداولة تتيح للمستثمرين فرصة فريدة للوصول إلى أسواق العالم كافة تقريبًا، مما يوسع آفاقهم الاستثمارية بشكل كبير.

لم تتوقف صناديق الاستثمار المتداولة عند توفير التنوع الجغرافي وفئات الأصول التقليدية، بل تطورت لتشمل استراتيجيات استثمارية أكثر تعقيدًا، فاليوم، نجد صناديق استثمار متداولة تحاكي استراتيجيات صناديق التحوط، حيث تستخدم خوارزميات معقدة لاختيار الاستثمارات الأكثر ملاءمة، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام المستثمرين.

وشدد سوهن على أهمية الشفافية في صناديق الاستثمار المتداولة، مشيراً إلى أنها تقدم تقارير يومية تفصيلية حول جميع الأصول التي تستثمر فيها، مما يمنح المستثمرين صورة واضحة عن محفظة الصندوق في كل وقت.

وأضاف قائلًا: "يمكنني إلقاء نظرة على الحيازات كل يوم. وأعرف المكونات التي يتكون منها استثماري".

على الرغم من تشابه صناديق الاستثمار المتداولة وصناديق الاستثمار المشتركة، إلا أن هناك فارقًا جوهريًا بينهما يتمثل في سيولة التداول، فصناديق الاستثمار المتداولة تتمتع بمرونة عالية حيث يمكن تداولها بالشراء أو البيع طوال ساعات التداول في البورصة، على عكس صناديق الاستثمار المشتركة التي لا يمكن تداولها إلا في نهاية يوم التداول.

وقال سوهن: "أستطيع تداولها طوال اليوم إذا رغبت بذلك. أو إذا كنت مستثمراً كبيراً، فيمكنني نقل مبالغ كبيرة من المال إلى هذه الصناديق".

وأكد السيد سوهن أن إحدى المزايا الجاذبة للغاية لصناديق الاستثمار المتداولة تكمن في المعاملة الضريبية المميزة التي تتلقاها، ووصفها بأنها 'العنصر السري' الذي يزيد من جاذبيتها للمستثمرين.

وأوضح سوهن أن صناديق الاستثمار المتداولة تلعب دورًا حيويًا في حماية استثمارات المستثمرين خلال فترات التقلبات السوقية، حيث تعمل بمثابة 'وسادة أمان' تمتص صدمات السوق، فعندما يشعر المستثمر بالقلق بشأن تراجع سهم معين، يمكنه ببساطة شراء صندوق استثمار متداول مشابه لتنويع محفظته وتقليل تعرضه للمخاطر.

ووصف سوهن صناديق الاستثمار المتداولة بأنها بمثابة 'مهدئات' للسوق، حيث تساعد في تخفيف حدة التقلبات والاضطرابات التي قد تحدث، بدلًا من تفاقمها كما قد يحدث مع بعض الأدوات الاستثمارية الأخرى.

أصول الصناديق المتداولة النشطة قرب تريليون دولار في 2024

وفقًا لتقديرات شركة ETFGI الاستشارية، فإن حجم الأموال المستثمرة في الصناديق المتداولة النشطة سيشهد زيادة كبيرة في عام 2024، حيث من المتوقع أن يصل إلى تريليون دولار.

وقد شهدت أصول الصناديق المتداولة النشطة نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، ووصلت بحلول نهاية شهر يوليو إلى مستوى قياسي جديد بلغ 974 مليار دولار.

فعلى الرغم من أن تداول الصناديق المتداولة النشطة بدأ في عام 2006، إلا أن النمو الحقيقي لهذه الصناديق بدأ يتسارع بشكل ملحوظ، حيث استغرقت حتى عام 2018 لتصل قيمة أصولها إلى عتبة الـ 100 مليار دولار.

كما ساهمت التغييرات التنظيمية التي طرأت في الولايات المتحدة عام 2019 في تسريع وتيرة إطلاق الصناديق المتداولة بشكل ملحوظ، حيث حققت هذه الصناديق معدل نمو سنوي مركب بلغ 48%، مما يدل على جاذبيتها المتزايدة للمستثمرين.

مقارنة بالعام 2019، شهدنا زيادة كبيرة في عدد الصناديق الاستثمارية المتداولة النشطة على مستوى العالم، حيث تضاعف هذا العدد بأكثر من أربعة أضعاف ليصل إلى 2761 صندوقًا في الوقت الحالي.

كيفية شراء صناديق الاستثمار المتداولة

يمكنك شراء صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) بسهولة عبر شركات الوساطة المرخصة.

وكل ما عليك فعله هو فتح حساب لدى إحدى هذه الشركات وتزويدها بالمعلومات المطلوبة.

بعد ذلك، يمكنك البحث عن الصناديق التي ترغب في شرائها بناءً على أهدافك الاستثمارية ومستوى تحملك للمخاطر.

وبمجرد تحديد الصندوق المناسب، يمكنك شراؤه بنقرة زر واحدة، تمامًا كما تشتري سهمًا عاديًا.

تقدم العديد من شركات الوساطة أدوات بحث متقدمة لمساعدتك في العثور على الصناديق التي تلبي احتياجاتك، بالإضافة إلى توفير معلومات تفصيلية حول كل صندوق، بما في ذلك أدائه التاريخي وتكاليفه.